والشمس ترسل شعاعها الأول تتكدس الحافلة القادمة من أقصى المدينة في اتجاه المعمل بالنساء، الوجوه المتغضنة، والملامح اليائسة، تشبه لوحة لمأساة مهاجرين أو لاجئين، تدندن فتاة لحنا شعبيا بصوت منخفض، وتتفقد الأخرى العلبة البلاستيكية حيث تضع وجبتها، بينما تتناول أكبرهن سنا حبة دواء، نساء المنطقة الصناعية بطنجة مغوغة ، يبدأن يومهن منذ الخامسة صباحا، ليعدن بعد اثنتي عشر ساعة من القهر والألم والاستغلال. الأرقام الرسمية لا تعكس العدد الحقيقي للمعَامِل المنتشرة بطنجة، حيث تنتشر المئات من المعامل في مختلف أحياء طنجة وهي كلها متخصصة في الخياطة وتشغل عشرات الآلاف من العاملات. هذه "المصانع" الصغيرة في شكل أوراش عبارة عن "كاراجات" وأقبية لا تخضع للمراقبة ولا تتوفر فيها شروط السلامة، حيث أن معدل العاملات في مصنع واحد يصل إلى 350 عاملة في مساحة لا تزيد في أحسن الأحوال عن 500 متر مربع، وأغلب العاملات في هذا القطاع لا يتوفرن على عقود عمل، ولا يتم التصريح بأجورهن كاملة في الصندوق الوطني للضمان الاجتم...
لماذا استوطنت رونو بالمغرب و خاصة بطنجة؟ ما جذب شركة رونو لصناعة السيارات إلى المغرب، بخاصة مدينة طنجة، جملة امتيازات مغرية ومربحة نذكر منها: – الاستفادة من استثمارات ضخمة قدرت بمليار أورو من المالية العامة شملت تمويل البنية التحتية : شبكة طرق و سكك حديد، و الميناء المتوسطي و الأراضي التي أقيم عليها المصنع. – تحمل الدولة المغربية تكاليف تكوين الأجراء في معهد التكوين في مهن السيارات، الذي تشرف عليه مجموعة رونو. – إعفاءات من الضريبة لمدة خمس سنوات. بعد ذلك، ستستفيد من ضريبة على الشركات لا تتعدى نسبها 8.5 %. – القرب من أوربا يتيح تصدير 85 % من إنتاج المصنع بأسعار جد تنافسية. – متوسط أجر شهري بالصناعة في المغرب هو 248 يورو في سنة 2012، فيما الأجر الصافي لعامل في مصنع رونو برومانيا هو 446 يورو في الشهر. أما الاجر الأدنى في فرنسا في يناير 2015 فيبلغ 1136 يورو ، بينما متوسط الأجر في تركيا 530 يورو. – مدة العمل الفعلية في سنة 2013 بلغ معدلها في فرنسا، 1661 ساعة و في رومانيا 2099 ساعة و في البرتغال 1834 ساعة. في حين يصل في المغرب إلى 2500 ساعة (حسب جريدة ليكونوميست ...
"منذ 12 سنة، وأنا اشتغل هنا" يقول إبراهيم. قد يعتقد البعض أن الأمر يتعلق بعامل في شركة أو موظف في إدارة، لكن الأمر يتعلق بعامل ب"الموقف". مكان شاسع يتخذه شبان وشيب "مقرا" لعملهم، وسط حدائق عمومية غير معتنى بها. يجلسون فرادا وجماعات، ويضعون معداتهم أمامهم، ليتعرف عليهم الأشخاص الذين هم في حاجة ليد عاملة تقوم بأعمال مؤقتة، مثل حمل أكياس الإسمنت أو هدم جزء من بناية ، او إصلاح قنوات الصرف الصحي ، او ما يسمى " بالبريكول " كيفما كانت طبيعة عمله ، المهم هو البحث عن كسب بعض المال لسد مصاريف الاسرة والكراء . كانت الساعة تشير لمنتصف النهار، حينما وصلنا إلى "موقف" قريب من محطة الحافلات "القامرة" بالرباط. طلبنا من أحد الواقفين في "الموقف" الحديث إلينا عن وضعيته، فاجتمع حولنا جمهور غفير. تبدو عليهم ملامح الإجهاد والتعب، من كثرة العمل اليدوي الشاق، وجوه لفحتها أشعة الشمس، وثياب تعبر على واقع الحال البئيس. قال رجل مسن تجاوز السبعين، يشتغل في المكان، وينتظر هنا زبناءه: "الظروف صعبة"، وهذه العبارة تلخص واقع هذه ال...
تعليقات
إرسال تعليق
شارك بتعليقك